(لا تكن امعة)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين, خالق الأولين والآخرين, والصلاة والسلام على أشرف خلقه أجمعين, نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد,, فإن الإنسان بطبعه اجتماعي يخالط الناس فيتأثر بطباعهم وسلوكهم ويكون له أثر في المجتمع الذي يعيش معهم إما بخير أو بعكسه وذلك حسب سلوكه وتربيته وما تربى عليه فمنهم من يكون تأثيره أكثر من تأثره ومنهم من يكون تأثره أكبر من تأثيره ويتوقف ذلك على عدة أمور منها العلم الشرعي والتربية السابقة والعبادة والسلوك والنفس البشرية وطاعة الهوى ، وغيرها وفيما يلي نستعرض موضوع يلامس هذا الجانب وينبه إلى سلوك يؤدي بصاحبه إلى الغواية والمهالك نسأل الله العافية لنا ولكم ولجميع المسلمين.


تعريف الإمعة: لغة أمع الإمعة, و الإمع الذي لا رأي له ولا عزم, والهاء فيه للمبالغةولا نظير له.
وفي الاصطلاح كما عرفه ابن مسعود t بقوله (لا يكون أحدكمإمعة) قالوا: وما الإمعة يا أبا عبد الرحمن؟ قال: (يقول: إِنَما أَنَامَعَ النَّاسِ إِنِ اهْتَدَوا اهْتَدَيْتُ، وَإنْ ضَلُّوا ضَلَلْتُ، أَلالَيُوَطِّنُ أَحَدُكُمْ نَفْسَهُ عَلَى إِنْ كَفَرَ النَّاسُ أَنْ لايَكْفُرَ).
ما قال السلف في الإمعة:
- عن حذيفة t قال: قال رسول الله e : ((لا تكونواإمعةتقولون إن أحسن الناس أحسنا وإن ظلموا ظلمنا ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا)) رواه الترمذي

- وذكر ابن عبد البر بإسناده عن ابن مسعود t أنه قال: كنا ندعو الإمعة في الجاهلية الذي يُدعى إلى الطعام فيذهبمعه بغيره وهو فيكم اليوم المحقب دينه الرجال.
وقوله محقب أي: يتبع دينه أقوال الرجالفيرى الدين ما رأوا هم وهو الذي يمنح دينه غيره، فيما ينتفع به ذلك الغير فيدنياه، ويبقى إثمه عليه.



- وقال علي بن أبي طالب t لكميل بنزياد النخعي: ((يا كميل إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها للخير والناسثلاثة: فعالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق لميستضيئوا بنور العلم ولم يلجئوا إلى ركن وثيق ... أفٍ لحامل حق لا بصيرة لهينقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة لا يدري أين الحق، إن قال أخطأ وإنأخطأ لم يدر، مشغوف بما لا يدري حقيقته فهو فتنة لمن افتتن به وإن الخير كلهمن عرفه الله دينه وكفى بالمرء جهلاً أن لا يعرف دينه )) أضواء البيانالشنقيطي
- وعن الإمام أحمد رحمه الله قال: ((ليوطنن المرء نفسه علىأنه إن كفر من في الأرض جميعاً لم يكفر ولا يكونن أحدكم إمعة))، قيل: وماالإمعة؟، قال: ((الذي يقول: أنا مع الناس، إنه لا أُسوة في الشر)).

أسباب كثرة الإمعيون:
1- ضعف الإيمان داخل القلوب.
2- ضعف الشخصية فيبحث عن طريقة ليقوي شخصيته بها وباعتقاده هو أن تقليد الناس بغير ضابط هو الطريق الصحيح.
3- ظنهم أن اختيار الآخرين لطريقة سير دينهم ودنياهم الأنسب لهم والأفضل.
4- مشاهدة الأكثرية يسلكون هذا الطريق فسلك مثلهم بدون علم لما يكون فيه وفي نهايته.
5- تشجيع بعض الآباء والأمهات أبنائهم في التشبه أو إهمال بعضهم لأبنائهم في معرفة ما يقولون وما يفعلون ومن قدوتهم.
6- تنوع مصادر التلقي للناس (الإعلام المرئي والمسموع والمقروء) وأخذ الفتوى من غير أخذ المرجحات أو الأدلة.
7- ضعف أو عدم وجود القدوات والأئمة التي يقتدى بهم الناس.
8- أن لا يكون للإنسان رأي ثابت بل يكون مع التيار فلا يكن عنده ثوابت شرعية مستقاة من كتاب الله وسنة رسوله e .

حتى لا تكن إمعة:
1- حاول أن تسلك طريقك بنفسك لا أن تستعين بكل من يقول لك(سر معي)بدون أن يعلم إلى أين يسير.
2- اتخذ من رأيك وعلمك خريطة للاستدلال بالنهج الصحيح ولا تأخذ طريق الذين لا علم لديهم ولا حكمه.
3- لا تتبع كل من قال لك (يقولون هذا أفضل, أو يقولون هذا الموضة).
4- لا تتبع كل شخص من شكله بل ادرس داخله أولاً فليس كل من حسن مظهره حسن داخله.
5- لا تحاول تقليد من يقلدون الغرب(من اليهود والنصارى) لأنهم يحاولون استدراج المسلمين حتى يتبعوهم في الدين قال تعالى وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ( البقرة : 120
و قال رسول الله e : (من تشبه بقوم فهو منهم) و (ليس منا من تشبه بغيرنا) رواه الترمذي وقد كثر عنه قوله (خالفوا المشركين) ,(خالفوا المجوس) ,(خالفوا اليهود) ,(خالفوا أهل الكتاب).

مظاهر تدل على الإمعة (إمعة في إتباع الغرب) :
· في العبادة
‌أ- اعتقاد ما يعتقده الغرب من معتقدات دينيه وتطبيقها في حياته الواقعية.
‌ب- إِجَازَةُ ما أجازه الغرب من محرمات مثل: السحر, الربا, الزنا, النمص, الوشم.....والكثير.
‌ج- ارتداء الصليب أو التصليب.

· في الملبس
‌أ- لبس البنطال أو القصير أو العاري للنساء أو الأطفال .
‌ب- لبس العباءة السافرة أو المزينة وإخراج عباءة بمسمى(العباءة الفرنسية)فهل الفرنسيات يرتدين عباءة حتى تسمى باسمهن.
‌ج- تسريحات الشعر المخالفة لشرع الله (الوصل).
‌د- لبس البنطال للشباب تقليداً لهم وظناً منهم أنه التطور.
‌ه- تطويل الشعر عند الشباب تقليداً لهم.
‌و- لبس كل ما يرون الغرب يلبسه.

· في التعامل والسلوك
‌أ- التحدث بلغة الغرب أو إدخال بعض الكلمات الغربية على حديثه بالعربية.
‌ب- التشبه بهم في طريقة أكلهم أو سلامهم وكلامهم.
‌ج- قول بعض الألفاظ التي تدل على الكمال لهم مثل قول بعض الناس [موعد انجليزي] مع عدم النظر لما هم يفعلون!!!
‌د- تقليدهم في احتفالاتهم وأعيادهم وعمل كل ما يعملونه فيها.


فهل فكرنا قليلاً بأهداف ما يدسه الغرب من دسائس؟؟!!

وهناك الكثير بدءوها بكلمة ثم بحركة ثم بلباس ثم تسريحة ثم بتغيير لخلق الله (النمص, وعمليات التجميل) ثم بعادات وتقاليد إلى أن وصلوا الدين وبدءوا يدسون فيه الدسائس وأول دسائسهم بدأت في المرأة وحجابها وحريتها.
آيات في الدعوة للإقتداء بنبي الهدى e :
- أن من لم يجعل قدوته الرسول e ودينه الإسلام ومنهجه المنهج القويم فإن الله غني عنه وله عذاب أليم, قال تعالى: )لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ( (الممتحنة : 6 ) , )....وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَاباً أَلِيماً( (الفتح : 17 )
- ومن يطع الله ورسوله e فإنه سيفوز بجنة عالية عرضها كعرض السماوات والأرض قال تعالى : )وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ( (النور : 52 ) )تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ((النساء : 13 )
- وفي هذه الآية ما يدل على الأمر بالبراءة من المشركين والكفار وعدم اتخاذهم ولي أو الإقتداء بهم)قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ( (الممتحنة : 4 ) وفيها دلاله على أن الله امتدح إبراهيم u في براءته من قومه ومن عباداتهم للأصنام وأنه عاداهم وكرههم.
- من رجا ثواب الله وطمع بالآخرة أمره الله سبحانه وتعالى بالإقتداء بنبيه e قال تعالىلَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً( (الأحزاب : 21 )
- الدعوة للإقتداء بالرسل والأنبياء والصالحين )أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ( (الأنعام : 90 )

متطلبات الإقتداء:
· التوكل على الله.
· الصدق في اللجوء إلى الله.
· الدعاء.
· الإطلاع على هدي المرسلين ومن بعدهم الصحابة والتابعين والعلماء والصالحين.

آثار إتباع هدي الرسول e والإقتداء به:
1- يفوز فوزاً لم يفز به أحد قط أطلق عليه الله سبحانه وتعالى (العظيم) دلالة على قوة أثره.
2- يحفز المؤمن للقاء ربه والدار الآخرة.
3- يخلد في الجنة.
آثار الإمعة:
1- يقِلُ من يؤمن بالله إيماناً صادقاً ولا يتبع الغرب في كل ما يقول.
2- زوال شخصية الأمة الإسلامية المهابة.
3- يقِلُ من يحكم قلبه وعقله قبل العلم والعمل.
4- تصبح الأمة الإسلامية أداة يحركها الغرب كيفما يشاء فتفقد عزها وكرامتها.
5- لا يصبح للشخص المسلم شخصيته ورأيه الخاص بل لغيره.
6- يكثر من يحتل المناصب العالية وهو لا يعرف شيئاً فقط احتله لأنه كل ما اُقتُرِحَ شيء أيده مثل البقية بدون تفكير.
7- قد يترتب عليه رد الحق وذلك لأنه أعتقد كما أعتقد غيره أو اتبع غيره فوقع في خطر الاعتقاد قبل الاستدلال فرد كثيراً من الحق, ويقول الشيخ بن عثيمين –رحمه الله- : [ ينبغي لطالب الحق أن لا يعتقد قبل أن يستدل لأنه إذا أعتقد قبل أن يستدل ترتب عليه أن يرد كثيراً من الحق].

همسة
إخوتي لا تكونوا كالببغاء يقول كل مايسمع ويكرره دون علم بمعناه ولا فهم..
حاولوا أن تكونوا معتزين ومفتخرين بتعاليم دينكم وطرقه واجتنبوا كل ما نهي عنه فأنتم أولئك الشباب الذين لهم دينهم الذي ينبغي للغرب تقليدهم فيه, أنتم الذين تسيرون خلف تعاليم إلهيه وفق شريعة محدده لا تحرف ولا تعدل..
اجعلوا المسلمين يرفعون رؤوسهم عند ذكر الرجل المسلم والمرأة المسلمة واجعلوا رسول الله يفخر بكثرة الصالحين في أمته يوم القيامة.
{لا تكن ممن يطلق عليهم (مع الخيل يا شقراء)}
أخيراً..
إن أصبنا فمن الله وإن أخطأنا فمنا والشيطان.
هذا والله تعالى أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.